اورو مغرب محمد الشركي
في ليلة من ليالي أبريل الأنيقة، وتحديدًا مساء الأحد السادس من أبريل 2024، احتضنت مدينة سلوان أمسية أدبية راقية تجسدت فيها أبهى صور الاحتفاء بالإبداع والكلمة فبين جدران قاعة المركب الثقافي والرياضي، شهدت المدينة عرساً ثقافياً بهيجاً بمناسبة حفل توقيع ديوان “أوراق الحياة” للشاعر المرهف علي عبدالاوي، وسط حضور نوعي ومتميز ضم نخبة من الأدباء والمثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي الأمازيغي، إلى جانب فعاليات بارزة من المجتمع المدني.
لم يكن اللقاء مجرد حفل تقليدي لتوقيع كتاب، بل كان فسحة فكرية وثقافية زاخرة بالتحليلات العميقة والقراءات المستنيرة التي أضاءت جوانب متعددة من تجربة الشاعر وأبعاد ديوانه الجديد. وقد استهلت الأمسية بثلاث مداخلات قيمة قدمها أساتذة أفاضل، حيث استهل الدكتور اليماني قسوح، الأستاذ الجامعي بالكلية المتعددة التخصصات بسلوان، حديثه بتحليل دقيق لمفهومي الألم والأمل كما تجليا في ثنايا “أوراق الحياة”، مستكشفاً كيف استطاع الشاعر تحويل هذه الثنائية الإنسانية إلى نغم شعري مؤثر.
بدوره، تناول الدكتور جمال الدين الخضيري، الأستاذ بنفس الكلية، في مداخلته القيمة، ثيمة الهوية والقضايا المحلية في الديوان، مشيراً بذكاء إلى قدرة علي عبدالاوي الفائقة على تحويل تفاصيل الحياة اليومية والعابرة إلى صور شعرية بديعة تحمل عمقاً إنسانياً وجمالاً فنياً حيث أكد الدكتور الخضيري على أن الشاعر يمتلك حساسية لغوية رفيعة تمكنه من التقاط جوهر اللحظة وتحويلها إلى شعر نابض بالحياة.
أما الأستاذ محمد الورياشي، رئيس قسم المبادرة الوطنية بعمالة الناظور، فقد قدم تحليلاً فريداً من نوعه، معتمداً على إحصائيات دقيقة استخلصها من مواضيع الديوان الشعري، ليؤكد بذلك على تنوع المضامين وعمق الرؤية التي يحملها “أوراق الحياة” كما شدد الأستاذ الورياشي على الأهمية القصوى لدعم مثل هذه المبادرات الثقافية التي تسعى جاهدة لإعادة الاعتبار للشعر الأمازيغي ومنحه المكانة اللائقة به داخل المشهد الأدبي الأمازيغي.
وتجدر الإشارة إلى الدور المحوري الذي قامت به جمعية سلوان الثقافية في إخراج هذا العمل الأدبي إلى النور، حيث تكفلت مشكورة بطباعة الديوان، انطلاقاً من التزامها الراسخ بدعم الطاقات الأدبية المحلية والمساهمة الفعالة في النهوض بالحراك الثقافي في المنطقة هذه المبادرة تعكس وعياً عميقاً بأهمية رعاية المبدعين وتقديم الدعم اللازم لهم.
وقد أضفى الشاعر علي عبدالاوي على الأمسية رونقاً خاصاً من خلال قراءات شعرية بصوته العذب، حيث استطاع بكلماته الصادقة وأحاسيسه المرهفة أن ينقل الحضور إلى عوالمه الداخلية، تلك العوالم التي تحتفي بالحياة والحب والتأمل، وذلك بلغة شعرية تتسم بالشفافية والعمق في آن واحد كما استمتع الحضور بفاصل موسيقي هادئ قدمه الفنان بنعيسى الخوالد، ليضفي على الأجواء لمسة فنية ساحرة.
وقد لاقى ديوان “أوراق الحياة” استحسانًا كبيراً من قبل الحاضرين الذين أشادوا بهذا الإصدار الجديد واعتبروه إضافة نوعية ومهمة للمشهد الشعري الأمازيغي الريفي وأكدوا على أن الشاعر علي عبدالاوي يسير بخطى واثقة وثابتة نحو التميز والإبداع، وأن تجربته الشعرية تستحق كل التقدير والاهتمام.
وفي ختام هذا اللقاء الأدبي المتميز، جرى توقيع نسخ من الديوان، وسط أجواء احتفالية صادقة غمرتها مشاعر المحبة والتقدير لقيمة الكلمة الحرة والإبداع الأصيل.
وقد اختتمت الأمسية بحفلة شاي أقيمت على شرف الحاضرين، لتكتمل بذلك صورة الاحتفاء بالثقافة والأدب في مدينة سلوان.
إن أمسية توقيع ديوان “أوراق الحياة” تبقى محطة مضيئة في تاريخ الحركة الثقافية بالمنطقة، وبادرة تبعث على الأمل بمستقبل زاهر للإبداع الأمازيغي.
عذراً التعليقات مغلقة