حكمت ابراهيم يكتب العلاقات مع إسرائيل: حق مشروع أم ازدواجية معايير؟

اورو مغرب محمد الزبتي28 يونيو 2025آخر تحديث :
حكمت ابراهيم يكتب العلاقات مع إسرائيل: حق مشروع أم ازدواجية معايير؟

اورو مغرب

*حكمت إبراهيم*
*ناشط سوري*

في عالم السياسة الدولية، تبدو المعايير مزدوجة في كثير من الأحيان، خاصة حين يتعلق الأمر بالشعوب الساعية لإثبات حقها في الوجود، وتحقيق الاستقرار والاعتراف. مثالٌ حيٌّ على هذا التناقض هو الموقف من الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا، وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، عندما يُطرح احتمال إقامة علاقات خارجية، ومن ضمنها مع دولة إسرائيل.

ازدواجية في المعايير

العديد من الحكومات والكيانات السياسية في المنطقة، بما فيها دول عربية كبرى، تقيم علاقات رسمية وعلنية مع إسرائيل، بل تطورت هذه العلاقات إلى تحالفات سياسية وأمنية واقتصادية. وهناك من يتعامل مع إسرائيل سرًا، رغم شعارات العداء المعلنة. فلماذا، إذن، تُقابل أي محاولة من قبل الإدارة الذاتية لإقامة علاقات مع مختلف الدول — بما في ذلك إسرائيل — بالهجوم، والاتهام، والتشويه؟

إذا كان من حق الدول ذات السيادة أن تختار حلفاءها وتنسق مع من تراه مناسبًا لمصالحها، فلماذا لا يُعطى هذا الحق لكيان سياسي واجتماعي مثل الإدارة الذاتية، التي أثبتت عبر السنوات قدرتها على إدارة مناطق واسعة، ومكافحة الإرهاب، وحماية المكونات المتنوعة لمجتمعها، دون تمييز ديني أو قومي؟

العلاقات الخارجية ليست خيانة

تُتهم الإدارة الذاتية أحيانًا بأنها تسعى لعلاقات خارجية “مريبة”، بينما الحقيقة أن أي كيان سياسي يسعى لحماية شعبه، وتأمين موارده، وتحقيق استقراره، يحتاج إلى شبكة علاقات دبلوماسية متنوعة. إسرائيل، كدولة معترف بها دوليًا وعضو في الأمم المتحدة، تتعامل معها معظم دول العالم بشكل رسمي، فلماذا يُعدّ مجرد الحوار أو التواصل معها من قِبل الإدارة الذاتية أمرًا مشينًا؟

حق الشعوب في تقرير مصيرها

الإدارة الذاتية لا تطالب بانفصال ولا بكيان قومي ضيق الأفق، بل تقدم نموذجًا ديمقراطيًا تعدديًا يسعى لتحقيق العيش المشترك، وهذا ما يجعل من حقها إقامة علاقات مع من يخدم هذا المشروع، شريطة أن يكون الهدف هو مصلحة الشعب، وليس خيانة لقضية أو مساومة على حقوق الآخرين.

وفي الوقت الذي تنفتح فيه حكومات في المنطقة على إسرائيل اقتصاديًا واستراتيجيًا، وفي العلن، دون مساءلة حقيقية، يبدو من غير المنصف توجيه اللوم إلى جهة تسعى فقط للاعتراف بوجودها، وبناء تحالفات قد تساعد في منع كوارث إنسانية وأمنية مرت على مناطقها مرارًا.

ختامًا

الاعتراف بالحقوق السياسية والدبلوماسية للإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا هو خطوة ضرورية نحو سلام شامل في سوريا والمنطقة. إذا كان من المقبول — بل المشجع — أن تتعامل دول وأنظمة ذات تاريخ من الصراعات مع إسرائيل، فمن باب أولى أن يُسمح لكيان ديمقراطي محلي ناشئ بأن يقرر سياساته الخارجية بما يخدم مصالح شعبه، دون أن يُحاكم بنفاق سياسي لا يخدم أحدًا سوى أصحاب السلطة التقليدية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

Translate »