غياب السكن الوظيفي لرجال السلطة المحلية لبخاتي إكراه يعيق تدبير الشأن الترابي

euromagreb27 نوفمبر 2024آخر تحديث :
غياب السكن الوظيفي لرجال السلطة المحلية لبخاتي إكراه يعيق تدبير الشأن الترابي

أحمد مصباح / اورو مغرب / الجديدة
يحتاج تدبير الشأن العام في المؤسسات العمومية والخاصة، إلى شروط وظروف العمل اللازمة، والتي، بدونها، لا تستقيم شؤون المرفق والمرتفقين، ولا تتحقق بالنجاعة الغايات المتوخاة؛ شروط من ضمنها توفر الموارد البشرية الكافية والكفاءات المهنية، وكذا، البنيات التحتية الأساسية، والتي تكمن في مقرات العمل، المخصصة للإدارة وتدبير الشؤون الإدارية.
مقر العمل.. معايير ومواصفات:
إن أول خطوة على درب الممارسة الإدارة، داخل المؤسسات والمرافق، تمر حتما عبر توفير  مقرات العمل، كبنايات إدارية ذات تصاميم معمارية معينة،  تحترم  المعايير  والمواصفات المحددة، التي يدخل في إطارها انتقاء الموقع، والتقسيم المكاني للمكاتب، إلى جانب التجهيز بمعدات وأدوات العمل، دون إغفال للبنايات الخارجية، التي تكون امتدادا مباشرا لمقرات الإدارة، والتي قد تكون لصيقة بها أو تبعد عنها، بحسب العقارات والفضاءات والمساحات المتاحة، من قبيل السكنيات الوظيفية، التي تخصصها الإدارة للمسؤولين، من مدراء ورؤساء، وللأطر الخاضعة لها، وفق معايير تحدد بموجب طبيعة العمل، والتراتبية في سلم وهرم المسؤولية، والمهام المسندة، والوضعية الاجتماعية.
معضلة يتم “تجاهلها”!:
إن السكن الوظيفي الذي من المفترض والمفروض أن يكون تابعا لمقر السلطة الترابية المحلية، قيادة لبخاتي، الخاضعة لدائرة عبدة، بإقليم آسفي، يكون غيابه من الإكراهات التي قد تعيق تدبير الشأن  المحلي، والشأن العام بالجماعتين الترابيتين لبخاني ولحضار. إكراهات يبدو أنها تكون امتدت منذ عقدين من الزمن (20 سنة)، وتحديدا، بعد أن أصبحت بعض الجماعات الترابية، التي كانت تابعة لما كان يعرف بدائرة جمعة سحيم (دائرة عبدة حاليا)، تحظى بمقرات قيادة مستقلة، من ضمنها جماعة لبخاتي، التي أحدثت بمركزها قيادة، بموجب المرسوم رقم: 2-92-468، الصادر في 30 يونيو 1992، المغير بالمرسوم رقم: 2-92-651، الصادر في 17 غشت 1992.
وبالمناسبة، فإذا كان بناء مقر الجماعة الترابية لبخاتي، يعود إلى سنة 1980، فإن مقر السلطة المحلية بمركز لبخاتي، قد تم بناؤه سنة  2004؛ إذ كان أول من عهد إليه بتدبير شؤونها، القائد (بدر مصطفى)، قادما إليها، في آخر فترة من ولايته، من قيادة جمعة سحيم. لكن مقر السلطة الترابية هذا، لم يواكبه بناء سكن وظيفي بمركز لبخاتي، خاص برجال السلطة المحلية. حيث ظل هذا السكن الوظيفي متواجدا بمدينة جمعة سحيم، بعيدا عن مقر القيادة، ب51 كيلومترا ذهابا وإيابا.
هذا،  ومازال الوضع، منذ أول قائد وإلى غاية آخر رجل سلطة، القائد الحالي (الحرش عبد العزيز)، خريج الفوج الثامن والخمسين للسلك العادي لرجال السلطة، من المعهد الملكي للإدارة  الترابية بالقنيطرة، والذي جرى تنصيبه بهذه الصفة، بتاريخ: 22 غشت 2023 (مازال الوضع)،  قائما على حاله. حيث إن لا أحد من عمال إقليم آسفي المتعاقبين، ممثلي صاحب الجلالة على الإقليم، بمن فيهم من فاقت فترة ولايته 8 سنوات،  لم يعمدوا إلى الالتفات إلى هذا الملف الحساس، وتحريك مياهه الراكدة.
معاناة مع غياب السكن الوظيفي:
ما فتئ رجال السلطة الذين تعاقبوا، على تدبير الشأن الترابي المحلي بقيادة لبخاتي، على امتداد 20 سنة، طيلة فترات ولاياتهم، التي تراوحت ما بين 4 و5 سنوات في المنصب، تماشيا مع الحركة الانتقالية التي كان أقرها المغفور له الحسن الثاني (ما فتئوا) يعانون من تبعات وانعكاسات غياب السكن الوظيفي، على حياتهم  واستقرارهم الأسري والاجتماعي والنفسي، وعلى ممارسة واجبهم، تدبير السلطة المحلية والشأن الترابي.
وبالمناسبة، فإن القائد السابق الذي انتقل، شهر غشت 2023، برسم الحركة الانتقالية التي أجرتها وزارة الداخلية، يكون قد قضى في إقامته بالسكن الوظيفي، الخاص برجال السلطة، الكائن بالحي الإداري بجمعة سحيم، سنة واحدة، ظل يتنقل خلالها إلى مقر عمله بمركز لبخاتي، قاطعا من ثمة يوميا، ذهابا وإيابا، 51 كيلومترا، مرورا عبر الطريق الإقليمية رقم: 2302، والطريق الوطنية رقم: 1.
هذا، وجراء الحالة “الكارثية” التي أضحى عليها “السكن الوظيفي” بجمعة سحيم، الذي أقام فيه رجال السلطة المتعاقبون، على امتداد عقدين من الزمن، بعد أن عبث “المخربون الوندال” (les vandales) في تجهيزاته ومحتوياته، واستولوا على أبوابه ونوافذه، وترك للأسف على حاله، ولم تخضع بنايته للإصلاح والتأهيل، اضطر القائد السابق للانتقال والسكن، طيلة ما تبقى من ولايته، بمدينة آسفي، حيث شغل منزلا على وجه الكراء.. قاطعا من ثمة يوميا، ذهابا وإيابا، عبر الطريق الجهوية رقم: 204، والطريق الوطنية رقم: 1، مسافة 93  كيلومترا؛ مسافة كانت تنضاف إلى المسافة الفاصلة ما بين مركز لبخاتي وجمعة سحيم (51 كيلومترا). إذ بلغت المسافة التي كان ممثل السلطة الترابية السابق يقطعها ذاهبا وإيابا، حد  144 كيلومترا في اليوم.
من أول وإلى آخر رجل سلطة !:
إن المعاناة المتواصلة جراء غياب “السكن الوظيفي”، لم يستثن منها أي من المسؤولين الترابيين المتعاقبين، والذين آخرهم، القائد الحالي،  الذي وجد نفسه فجأة، من أول يوم وطأت فيه فدماه  مقر عمله بمركز لبخاتي، مضطرا أو بالأحرى مكرها لتدبير أول “ملف نوعي” في حياته اليومية، موازاة مع تدبير الشأن الترابي،  والذي يكمن في “معضلة السكن الوظيفي”، الذي يبدو أنه ليس ثمة في الأفق، وعلى الأقل في الظرفية والظروف الراهنة، أي مؤشر عملي وواقعي لحله، رغم مرور مدة تزيد عن  460 يوما  عن تنصيبه، يكون قضى  معظم أيامها في التنقل يوميا، ذهابا وإيابا، قاطعا بدوره ما يزيد عن 120 كيلومترا، إلى تراب جماعة أخرى، محاذية لجماعة لبخاتي، حيث اختار مكرها، في ظل غياب سكن وظيفي بمركز لبخاتي، وجراء الحالة المزرية التي أصبح عليها ما اعتبر سكنا وظيفيا بجمعة سحيم، الإقامة “مؤقتا” مع أسرته، قبل أن يقرر الاستقرار بجمعة سحيم، في منزل  يشغله بدوره على وجه الكراء.
هذا، وتنضاف إلى تبعات غياب السكن الوظيفي، التي لم تكن بالحسبان، مشاق وأتعاب التنقل، التي يزيد من حدتها تصدع الطرق والمسالك المهترئة، التي  يمر عبرها ممثل السلطة المحلية، على متن سيارة الخدمة التي يتولى قيادتها، على مدار أيام الأسبوع، بما في ذلك عطلة نهاية الأسبوع، ذهابا في الصباح، إلى مقر السلطة الترابية بمركز لبخاتي، ورجوعا في المساء، إلى محل إقامته مع أسرته،  عبر  المسالك الطرقية ذاتها، والتي تنعدم على طول جنياتها أعمدة الإنارة العمومية؛ ناهيك عن  التقلبات الجوية التي تعرفها أحوال الطقس، بتعاقب فصول السنة، سيما فصل التساقطات المطرية، حيث تغرق الطرقات والمسالك في مستنقعات الوحل و”الضايات” والحفر. ما يشكل مصدر قلق وتهديد لسلامة مستعملي الطريق.
شساعة النفوذ الترابي:
تشمل منطقة النفوذ الترابي لقيادة لبخاتي  جماعتي لبخاتي ولحضار. حيث يبلغ تعداد ساكنة جماعة لبخاتي:  14323 نسمة، حسب الإحصاء العام للسكان والسكنى (RGPH) برسم سنة 2014، موزعين في مساحة جغرافية شاسعة، تمتد لحوالي 30000 كيلومتر مربع، على 15 دائرة انتخابية، تضم 44 دوار وتجمع سكني؛ فيما يبلغ تعداد ساكنة جماعة لحضار: 13872 نسمة، موزعين داخل 13 دائرة انتخابية، على ما يزيد عن 30 دوار وتجمع سكني.
وتخضع هاتان الجماعتان الفرويتان  لدائرة عبدة، والتي هي من أصل 3 دوائر بإقليم آسفي، التابع لجهة مراكش – آسفي. هذه الدائرة الكائن مقرها بجمعة سحيم، يشمل نفوذها الترابي 9 جماعات قروية (لبخاتي – الكرعاني – لحدار – لمصابيح – سيدي عيسى – بوكدرة – شهدة –  لمراسلة – سيدي أتيجي)، يبلغ تعداد سكانها 122.458 نسمة، وفق الإحصاء العام لسنة 2014.
السكن الوظيفي ونجاعة التدبير الترابي:
إن نجاعة عمل المسؤول الترابي غالبا ما تكون رهينة بإقامته رسميا، طيلة فترة ولايته، بالسكن الوظيفي المخصص له بالجماعة الترابية، التي يمارس فيها مهام السلطة المحلية. ما  يضمن تواجده الآني والمستمر في  منطقة نفوذه وتدخله الترابي، على مدار أيام الأسبوع، وساعات اليوم، 24 ساعة على 24 ساعة، وحتى في أيام العطل، وعطلة نهاية الأسبوع، وممارسة سياسة القرب،  وإجراء التدخلات الطارئة، بالسرعة المطلوبة وفي الوقت المناسب، لاستتباب الأمن والنظام العاميين، أو  التصدي لبعض الأعمال المخالفة للقانون، كاستنزاف المياه الجوفية، بحفر الآبار، والتي قد يباشرها المخالفون، الذين يتحينون الفرصة، والتي غالبا ما تتأتى لهم، خارج أوقات العمل، وتحت جنح الظلام، جراء غياب المسؤول الترابي، الذي يضطر مساء كل يوم، في غياب السكن الوظيفي، لمغادرة تراب الجماعة والقيادة، إلى جماعة أخرى، حيث يقيم مع أسرته.
للإشارة، فإن من المفارقات أن يكون مركز جماعة لبخاتي لا يتوفر، حتى بعد عقدين عن خلق مقر للسلطة الترابية، على “السكن الوظيفي”، الخاص برجل السلطة؛ فيما قيادة “الكرعاني”، المحدثة والتي يشمل نفوذها الترابي جماعتي الكرعاني والمصابيح، والتي تفصلها جغرافيا عن جماعة لبخاتي، الطريق الإقليمية 2306، الرابطة بين مدينتي اليوسفية وجمعة سحيم، قد وفرت بمركز الجماعة القروية (الكرعاني) سكنا وظيفيا  للقائد.. مع العلم أن هاتين القيادتين، قيادتي لبخاتي والكرعاني، والجماعات الترابية الأربعة (لبخاتي – لحضار – الكرعاني والمصابيح)، التابعة لنفوذيهما الترابيين، تخضع جميعها لتراب الدائرة ذاتها، دائرة عبدة.
ومن ثمة، فإذا كان رجال السلطة الترابية، رؤساء الدوائر والباشوات والقياد بإقليم آسفي، ملزمين بأن يتواجدوا ويشغلوا رسميا، طيلة  فترة ولايتهم، السكنيات الوظيفية، التي وفرتها لهم وزارة الداخلية، بالقرب من مقرات عملهم وممارسة السلطة المحلية، فهل يسري ذلك، من الوجهة الواقعية، على رجال السلطة، الذين لم يستفيدوا، على غرار بعض زملائهم المحظوظين، بالسكن الوظيفي..؟
هذا، فإن توفير السكن الوظيفي  يضمن، كما أشير إلى ذلك سلفا، الاستقرار الأسري والاجتماعي والنفسي لرجل السلطة؛ إذ يعتبر من المعايير والشروط  التي يتوقف عليها تدبير السلطة المحلية والشأن الترابي العام، وتعزيز الإحساس بالاستقرار وبالأمن والنظام العام، والمساهمة في الإقلاع الاقتصادي، والدفع بمسلسل “التنمية”؛  “التنمية” التي توقف للأسف قطارها بدائرة عبدة، وبجماعة لبخاتي، التي يفتقر حتى مركزها إلى أدنى مقوماتها وشروطها، من بنيات تحتية أساسية، تصون كرامة المواطنين، في “مغرب الألفية الثالثة”.
العامل الجديد.. وسياسة التخليق:
إن العامل الجديد محمد فطاح، الذي تفضل الملك محمد السادس، بتعيينه، بعد أن حظي بالثقة المولوية، ممثلا لجلالته على إقليم آسفي، خلفا للعامل السابق الحسين شاينان، الذي فاقت مدة تربعه على الإقليم 8 سنوات، والذي يعقد عليه المواطنون والساكنة الآمال، لتفعيل “التنمية الاقتصادية والبشرية”، التي “توقفت عجلتها، وأصبحت عاجزة عن الخروج من عنق الزجاجة، وللقطع مع بعض ممارسات الماضي، وذلك بنهج سياسة  الإصلاح والعقلنة والتخليق والترشيد، في تدبير الشأن العام، (فإن العامل الجديد) يكون قد وقف عن كثب وبالواضح والملوس، على واقع  السكن الوظيفي، خلال زيارة الاستطلاع التي قادته، الاثنين 18 نونبر 2024، تزامنا مع تخليد ذكرى عيد الاستقلال، إلى دائرة عبدة، وجماعات ترابية خاضعة لنفوذها الترابي.
هل تتحرك وزارة لفتيت؟:
إن الوضع المتأزم، القائم منذ 20 سنة، بجماعة لبخاتي.. يستدعي تدخلا استعجاليا للوزارة الوصية، وزارة الداخلية، التي دأبت بالمناسبة على خلق السكنيات الوظيفية لأطرها لدى المصالح الترابية الممركزة واللاممركزة..  لكي توفر “سكنا وظيفيا” لممثل السلطة الترابية بمركز لبخاتي، على العقار الجماعي اللصيق من جهة الخلف بمقر القيادة، حتى يتسنى توفير شروط  وظروف العمل، الكفيلة بتكريس سياسة القرب، وحتى تكون السلطة الترابية وممثلها، من خلال التواجد الفعلي، القريب والناجع، في خدمة المواطنين.
إلى ذلك، فإن الوضع الناجم عن غياب “السكن الوظيفي” بجماعة لبخاتي،  من شأنه أن يعيق عمل  السلطة المحلية لبخاتي، وتدبير الشأن العام المحلي والترابي، وشؤون المواطنين، رعايا صاحب الجلالة، في منطقة نفوذها الترابي الشاسعة، (فإن الوضع) يظل قائما.. حتى إشعار آخر! وللجريدة عودة للموضوع

 

صباح

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    Translate »