اورو مغرب محمد الشركي
تتربع قصبة سلوان شامخة في قلب جماعة سلوان التابعة لإقليم الناظور، شاهدة صامتة على قرون خلت من التاريخ والأحداث، أسوارها العالية المتآكلة، التي انهار معظمها وبقي الآخر صامداً في وجه تقلبات الزمن، تحكي قصة بنائها قبل أزيد من أربعة قرون بأمر من السلطان العلوي المولى إسماعيل، الذي أراد بها تحقيق أهداف سياسية في منطقة الريف الشرقي.
هذه القصبة، التي تحمل في طياتها إرثاً حضارياً وتاريخياً لا يقدر بثمن، تجد نفسها اليوم في طي النسيان والتهميش من قبل المسؤولين، فبدلاً من أن تحظى بالعناية والترميم اللائقين بمكانتها التاريخية، أصبحت عرضة للإهمال الذي حولها إلى منطقة شبه مخربة، تأوي المشردين والكلاب الضالة، وتحولت أسوارها ومحيطها إلى مكب للنفايات والأزبال.
إن قصبة سلوان، التي تعتبر من أهم المآثر التاريخية الصامدة في منطقة الريف الشرقي، تقاوم تقلبات الزمن بشموخ، لكنها في الوقت نفسه تعاني من إهمال جسيم يحولها تدريجياً إلى خراب، ومما يزيد الطين بلة، هو احتضان محيط القصبة للسوق الأسبوعي لجماعة سلوان كل يوم سبت، مما يجعلها مرتعاً لتراكم الأزبال والنفايات ومخلفات البضائع، بل والأدهى من ذلك، تحولت أجزاء من القصبة إلى شبه مرحاض عمومي للمتسوقين والمارة، الذين لا يجدون حرجاً في قضاء حاجاتهم أسفل أسوارها العريقة، محولين بذلك هذا الكنز التاريخي إلى بناية مهجورة لا قيمة لها في نظر الكثيرين.
من هذا المنبر، نوجه نداءً عاجلاً إلى النواب البرلمانيين بإقليم الناظور، مطالبين إياهم بالتحرك الجاد للدفاع عن هذه المعلمة التاريخية، إن ترميم قصبة سلوان وتقييدها في التراث الوطني لم يعد مجرد مطلب، بل ضرورة ملحة للحفاظ على ذاكرة المنطقة وهويتها لقد طفح الكيل من الوعود التي لم تتحقق من قبل القطاع الوصي، بسبب الغياب شبه التام للنواب المحترمين بالناظور عن القيام بواجبهم تجاه هذا الإرث التاريخي.
إن صمت المسؤولين وتقاعسهم عن إنقاذ قصبة سلوان هو بمثابة جريمة في حق التاريخ والذاكرة الجماعية،فهل يعقل أن يترك رمز تاريخي بهذا الحجم ينهار ويتلاشى أمام أعيننا دون أدنى تدخل؟ إن قصبة سلوان ليست مجرد حجارة وأسوار، بل هي جزء أصيل من تاريخنا وهويتنا، ويجب علينا جميعاً أن ننتفض لإنقاذها قبل فوات الأوان.
عذراً التعليقات مغلقة