أورو مغرب – وكالات
عاد مشروع النفق البحري بين المغرب وإسبانيا إلى الواجهة مجدداً بعد تقارير إعلامية جديدة أشارت إلى التسريع الحاصل في تحقيق المشروع الذي استمر الحديث عنه طوال الأعوام الـ43 الماضية، راجعة هذا التسريع إلى حصول البلدين، بالإضافة إلى البرتغال، على شرف تنظيم كأس العالم 2030.
ولسنوات جرى إهمال المشروع، لكن عودة الدفء إلى العلاقات المغربية-الإسبانية عام 2022 أحيت العمل على تحقيق النفق الرابط بين ضفتَي المتوسط. وتعِد فكرة النفق هذه بمستقبل اقتصادي واعد للبلدين، كما تعزز الوفاق الدبلوماسي بينهما.
وحسب تقارير إعلامية حديثة، من المتوقع أن تعقد اللجنة المشتركة المغربية-الإسبانية (المسؤولة عن دراسة مشروع النفق) اجتماعاً في المستقبل القريب لتسريع بناء مشروع النفق البحري. وقال موقع التليفزيون والإذاعة الوطنية المغربية إنّ التحضير لهذا الاجتماع يأتي بعد انتخابات الحكومة الإسبانية الجديدة.
ويعود آخر اجتماع لهذه اللجنة المشتركة إلى شهر أبريل/نيسان الماضي، وسبق أن نقلت الصحافة الإسبانية عن وزيرة النقل الإسبانية السابقة راكيل سانشيز تأكيدها أن حكومة البلاد ستعطي دفعة جديدة لدراسة مشروع الربط القاري.
وعلى هامش القمة المغربية-الإسبانية في فبراير/شباط 2023، أشار رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش إلى هذا المشروع، مبرزاً أن تلك القمة المغربية-الإسبانية تفتح آفاقاً لمشاريع تمثل روافد لبناء المستقبل، من بينها مشروع الربط الثابت بين المغرب وإسبانيا.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي حاز الملف المشترك المغربي-الإسباني-البرتغالي شرف استضافة مونديال 2030. وحسب محللين، سيسرع هذا الأمر تحقيق مشروع الربط البري بين ضفتَي المتوسط، إذ قد يدخل في إطار مشاريع تطوير البنية التحتية لاستضافة الحدث الرياضي العالمي.
وصرحت النائبة عضو لجنة البنيات الأساسية في مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) نعيمة فتحاوي، في حديث سابق لـTRT عربي، بأن مشروع الربط القاري بين إسبانيا والمغرب عبر مضيق جبل طارق “يدخل ضمن المشاريع الاستراتيجية المدرجة في إطار خريطة الطريق الجديدة المعتمدة خلال أبريل/نيسان 2022”.
وأضافت أنه “في يونيو/حزيران 2023 جدّد المغرب وإسبانيا عزمهما على إنجاز مشروع الربط الثابت لمضيق جبل طارق، إذ جرى تأكيد ذلك خلال لقاء بين وزير التجهيز والماء المغربي نزار بركة، ووزيرة النقل الإسبانية راكيل سانشيز خمينيز، وقد اتُّفِقَ على تنشيط اللجنة المشتركة المكلفة دراسته، مع توقيع اتفاقية للتعاون الثنائي التي ستربط أوروبا بإفريقيا”.
وتعود أولى مرات طرح مشروع الربط البري بين أوروبا وإفريقيا عبر جبل طارق إلى زيارة العاهل الإسباني خوان كارلوس للمغرب في 16 يونيو/حزيران 1979، ولقائه الملك الراحل الحسن الثاني. وقتها تفاهم الملِكان على إعداد دراسة مشتركة لمشروع الربط القاري، ووقّعا اتفاقية أُنشئَت بموجبها شركتان مغربية وإسبانية لإنجاز تلك الدراسات.
وفي عام 1989 وُقّعَت اتفاقية ثانية بين البلدين مهّدَت الطريق لكليهما لإقامة تعاون أوسع، مانحة دفعة جديدة لتطوير مشروع الربط البري، والشروع في إجراء التحقيقات الجيولوجية والجيو-تقنية الهامة، من خلال إنجاز آبار بحثية عميقة في نقاط مختلفة من قعر المضيق.
ولإنجاز المشروع طُرحت حلول تقنية عديدة، من ضمنها أن يكون جسراً معلَّقاً على دعامات ثابتة، أو جسراً معلقاً على دعامات عائمة، أو نفقاً مغموراً مدعوماً في قاع البحر، أو نفقاً محفوراً، أو نفقاً عائماً مغموراً، غير أن طبيعة التيارات المائية والهوائية في المضيق، كطبيعته الزلزالية لكونه ملتقى للصفائح التيكتونية الإفريقية بالأورولأسيوية، رجّحَت تصوُّر النفق الحديدي المحفور.
ومثلت كذلك العوائق المالية عقبة أمام إنجاز المشروع، إذ رفضت المفوضية الأوروبية سنة 2008 طلباً بإدراجه في سياسة شبكة النقل الأوروبية، بدعوى المخاطر الجيو-استراتيجية والأمنية للربط البري بين القارتين، بما مثل صدمة لمروّجي المشروع.
وخلق حدث خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تنافساً شرساً حول المشروع، إذ عبّرَت لندن عن اعتزامها بجديةٍ إنشاءَ ربط قارّيّ مع إفريقيا للاستفادة اقتصادياً من التبادل التجاري الأوروبي-الإفريقي، بعد فكّ ارتباطها مع السوق الأوروبية المشتركة، مما أثار حفيظة مدريد التي رأت دخول المملكة المتحدة على الخط تهديداً لنفوذها الجيو-سياسي والاقتصادي في المنطقة.
وفي 2021 عُقدَت اجتماعات رفيعة المستوى عبر تقنية الفيديو، بحضور وزير التجهيز والنقل المغربي السابق عبد القادر عمارة ووزير النقل الإسباني خوسيه لويس أوبالوس، لتدارس الموضوع. وخلص اللقاء وقتها إلى إدراج الموضوع مرة أخرى في اجتماع حكومي دولي مختلَط، قبل أن تقطع الأزمة الدبلوماسية بين الرباط ومدريد العلاقات بين المملكتين، ويؤجَّل ذلك حتى إشعار آخر.