كتب: ذ/ عبد المنعم شوقي
ببالغ الحزن والأسى، تلقينا خبر وفاة الفنان والمفكر والمناضل محمد بوزيان الذي ذاع شأنه في المجال الثقافي والفني والسياسي.
وللذين لم يسعفهم الحظ للتعرف على مسيرة هذا العصامي الخلوق، لا بأس أن أورد هنا مقطعا بلسان الفقيد نفسه أخذته من كتاب “في ذاكرة الموسيقى الأمازيغية”، وذلك حين أجاب عن سؤال حواري طرحه عليه أستاذنا المقتدر فؤاد أزروال سنة 2016، حيث قال: (اسمي هو محمد بوزيان، أبلغ من العمر ستين سنة، وانحدر من منطقة “جبل وكسان”، أو “ءايت ءيكسان”، التابعة لمدينة أزغنغان. متزوج وأب لطفلين. تابعت دراستي الجامعية في تخصصي “علم الاجتماع” و”الهندسة التطبيقية”. انخرطت في جمعية “الانطلاقة الثقافية” بالناضور منذ الايام الاولى لتأسييها، وتقلدت فيها منصب عضو بالمكتب الإداري ما بين سنتي 1978 و1982. وقد تحملت فيها عدة مسؤوليات في مجال التأطير للجوانب الفنية والعلاقات مع الفنانين والفرق، وتنظيم المهرجانات لاسيما مهرجان الاغنية الشعبية التي اشتهرت بها الجمعية وقتذاك.
وأنا أيضا عضو مؤسس في فرقة “ين أمازيغ”، التي تعني “أبناء الأمازيغ”. وجاء اسم الفرقة من الرغبة في التأكيد على البعد الهوياتي الامازيغي. ومما يؤكد هذه الرغبة هو أنه في الاول كان الاسم المقترح للفرقة هو “ناس أمازيغ”، الذي يجمع بين
الاشارة إلى التأثر بالظاهرة الغيوانية التي كانت تهيمن على ساحة الأغنية الوطنية، وبين البعد الهوياتي الأمازيغي الذي بدأت تظهر أولى بوادره. وقد تأسست هذه الفرقة سنة 1977م.).
وإلى جانب عمله الجمعوي والفني، فقد انخرط الفقيد في حزب التقدم والاشتراكية أيام النضال الحقيقي وإكراهات العمل السياسي. لقد كان ثقله داخل الحزب وازنا بالنظر لقوة شخصيته ورجاحة فكره وسديد رأيه. وشخصيا، كان لي شرف التعرف على الفقيد سواء في القضايا التي وحدت وجهات نظرنا، وسواء أيضا في تلك التي اختلفنا عنها اختلافا لم يكن أبدا ليسيء إلى الاحترام والتقدير الواجبين في حقه.
ها نحن إذن نودع اليوم شخصية بصمت وأغنت تاريخ ذاكرتنا الجماعية بكل امتياز.. ها نحن نودع اسما لامعا تألق إشعاعه في مختلف المجالات.. وليس لنا إلا أن نسأل الله العلي القدير بأن يرزق فقيدنا واسع الرحمة والمغفرة وجنة الرضوان، وأن يلهم على عائلته وأصدقائه وعلينا جميعا بجميل الصبر والسلوان… إنا لله وإنا إليه راجعون.