اورو مغرب محمد ربيع البجاوي
في أجواءٍ تنبضُ بالإبداع والتفاعل الثقافي، شهدت مدينتا طنجة وتطوان ما بين 30 شتنبر و3 أكتوبر تظاهرةً فكرية وفنية مميزة، جمعت بين ضفّتي المتوسط في حوارٍ أدبي وإنساني رفيع.
نظّمت هذه الفعالية جمعية الصداقة المغربية الإيبيروأمريكية بشراكة مع معهد ثيربانتس بكلٍّ من طنجة وتطوان، وبتعاونٍ مع عددٍ من المؤسسات الثقافية المغربية والإسبانية، لتؤكد من جديد أن الثقافة جسرٌ متين يمتد بين الشعوب، وأن الأدب لغةٌ تتجاوز الحدود.
اليوم الأول: انطلاقة من طنجة – مدينة اللقاءات والأحلام
من معهد ثيربانتس بطنجة، انطلقت فعاليات الملتقى بكلمةٍ ترحيبية ألقاها مدير المعهد خوان فيسنتي بيكيراس، تلتها مداخلة افتتاحية للدكتورة رندا الجبروني، أستاذة الأدب الإسباني بكلية الآداب بتطوان ورئيسة الجمعية المنظمة، التي أبرزت رمزية المدينة كفضاءٍ للتلاقح الثقافي بين الشرق والغرب.
شهد اليوم الأول باقة من المداخلات الأدبية والفكرية التي عكست ثراء التجربة المشتركة بين المغرب وإسبانيا، من أبرزها:
مداخلة الدكتورة رندا الجبروني بعنوان “طنجة من منظور التصوير الفوتوغرافي الإسباني”.
ألبرتو غوميث فونت في عرضٍ موسوم بـ “طنجة، مدينة ملهمة”.
ألفريدو فيايارديل خيل الذي تناول “علم النبات والأطباء في العصور الوسطى”.
ميغيل روميرو سايث حول “الثقافة الموريسكية كجسر للتواصل بين الشعوب”.
ألمودينا ميستري إيثكيردو التي استحضرت “مدريد، طنجة وتطوان كشخصيات أدبية”.
تنوّعت المداخلات وتكاملت في رسم لوحةٍ فكرية عبّرت عن عمق الروابط التاريخية والثقافية بين البلدين.
اليوم الثاني: تطوان… فضاء للتفاعل والتأمل المشترك
في اليوم الموالي، انتقل الملتقى إلى تطوان، المدينة التي تحمل في أزقتها عبق الأندلس وذاكرة المتوسط. استضاف معهد ثيربانتس بتطوان أمسيةً أدبية أدارتها الدكتورة رندا الجبروني، وحضرها جمع من الأدباء والباحثين من المغرب وإسبانيا في لقاءٍ جسّد التفاعل الفكري الخلّاق.
قدّم المشاركون مداخلات غنية توزعت بين التاريخ والأدب والهوية، من بينها:
ألفريدو بيّايبِردي خيل: “من ابن البيطار إلى ابن بطوطة: الأطباء والصيادلة في العصور الوسطى”.
ألمودينا ميستري إيثكيردو: “مدريد، طنجة وتطوان كفضاءات وهوية متقاطعة”.
مانويل مينديث غيريرو: “الإرث الإسباني في تطوان وطنجة”.
خوان أنطون أبيلان: “الأدب وفن الطبخ في الأندلس الإسلامية”.
إيزابيل فياياتا: “طنجة من منظور قوتها الطبيعية والجغرافية”.
خوان باريرا: “الفسيفساء: فن، دين، رياضيات ومجتمع”.
لويس مانويل مول خوان: “سرفانتس في الأندلس”.
نادية لعشيري: “المرأة الأندلسية: مقاربة من منظور النوع الاجتماعي”.
واختُتمت الفعاليات بسهرةٍ موسيقية–أدبية تحت شعار “ثلاثة شعراء، ثلاث لغات، ثلاث ثقافات”، جمعت بين الشعر والموسيقى في لوحةٍ فنيةٍ تنبض بالتنوع والانسجام، بمشاركة مبدعين من المغرب وإسبانيا، وتنسيق الأديب والموسيقي التطواني حسن مرصو والباحث عبد الإله الفيلالي، بإشراف الدكتورة رندا الجبروني.
كان الملتقى مناسبةً لتجديد الحوار الثقافي بين الضفتين، وتأكيدًا على أن اللغة والفن والأدب تظلّ جسورًا نابضة تربط بين الشعوب، وتفتح آفاقًا جديدة للتفاهم والإبداع المشترك بين المغرب وإسبانيا في فضاءٍ متوسطيٍّ واحدٍ نابضٍ بالحياة.