اورو مغرب
مقدمة:
لا يمكن فهم الهجمات الإعلامية والسياسية المتكررة من بعض الجهات الفرنسية – كجريدة “لوموند” وغيرها من الأذرع الدعائية – ضد المغرب، دون العودة إلى السياق التاريخي العميق الذي يربط المملكة المغربية بالدولة الفرنسية الإستعمارية. فهذه ليست مجرد مواقف صحفية عابرة، بل هي جزء من بنية إستعمارية قديمة تُجدِّد نفسها بأدوات ناعمة، وتحاول عبر *خونة الداخل* من الأحزاب والنقابات والنخب المرتبطة بالمصالح الأجنبية، أن تجهض كل مشروع وطني حقيقي لبناء دولة مغربية قوية، مستقلة، سيدة لقرارها، ومتحكمة في مقدراتها.
وخصوصا و نحن في سنة إنتخابية مصيرية و مفصلية لبعض السياسيين يريدون بقاء الوضع وإعادة ترتيب الأوراق للإستمرار في التحكم و نهب خيرات الوطن و تجويع و تجهيل و تفقير وتدمير و تهميش كل الكفاءات المنتجة والنزيهة والمستقلة.
—
أولا ●●●
*فرنسا الإستعمارية… الجرح المفتوح*
فرنسا ليست فقط *شريكا تجاريا* أو *حليفا سياسيا* كما تحاول بعض الأبواق تصويرها. إنها الدولة التي إحتلت المغرب منذ عام 1912 عبر *معاهدة الحماية*، وسعت لطمس الهوية المغربية بكل أبعادها: اللغة، الدين، الثقافة، الإقتصاد وحتى البنية القبلية و الإجتماعية. لم تكن فرنسا قوة تحرير، بل كانت قوة نهب وتجويع وإذلال للشعوب.
وعلى الرغم من الإستقلال الشكلي سنة 1956، فإن فرنسا لم تغادر فعليا. بل تركت نخبة مرتبطة بها، لغويا وثقافيا و إقتصاديا، لتستمر في خدمة مصالحها داخل الدولة المغربية المستقلة. نحن اليوم أمام نسخة جديدة من الإستعمار، أكثر ذكاءً وخطورة، تسمى بالاستعمار الناعم أو الجديد.
—
ثانيا●●●
*الإعلام الفرنسي… الوجه القذر للإستعمار*
حين تهاجم جريدة “لوموند” أو “ليبراسيون” أو قناة “فرانس 24” المؤسسات المغربية، وعلى رأسها المؤسسة الملكية، فإنها لا تفعل ذلك دفاعًا عن *الحرية* أو *حقوق الإنسان* كما تدعي، بل في إطار حرب نفسية وإعلامية مدروسة، تستهدف ضرب الثقة بين الشعب ومؤسساته السيادية، وفي مقدمتها الملكية التي ما زالت تشكل الضمانة الأساسية لوحدة البلاد وإستقراره.
والسؤال: لماذا تهاجم فرنسا المغرب الآن بهذه الشراسة؟
الجواب يكمن في ما يلي:
المغرب بدأ يتجه نحو تنويع شركائه الدوليين *الصين، روسيا، أمريكا، الخليج…*.
المغرب كشف التواطؤ الفرنسي مع الجزائر في ملف الصحراء المغربية.
المغرب بدأ يسترجع سيطرته على موارده الطبيعية، وعلى قراره السياسي.
المغرب يرفض الإنبطاح الكامل، ويصر على لعب دور إقليمي مستقل في إفريقيا.
—
ثالثا●●●
*خونة الداخل… أحزاب ونقابات باعت الوطن*
ما يُؤلم أكثر من هجمات الخارج، هو تواطؤ خونة الداخل. هؤلاء الذين يفترض أن يدافعوا عن مصلحة الوطن، فإذا بهم أدوات في يد المشروع الفرنسي أو حتى الصهيوني. للأسف، نعيش اليوم لحظة إنهيار تام لما يسمى بـ *الوسائط الديمقراطية*:
1■■■ *الأحزاب السياسية*
تحولت معظم الأحزاب المغربية إلى دكاكين إنتخابية لا يهمها إلا المناصب والامتيازات. لم تعد تؤطر الشعب، ولا تطرح مشاريع تنموية، بل إنبطحت أمام التعليمات الخارجية والداخلية، وإرتبط قادتها بعلاقات مشبوهة بسفارات ومراكز نفوذ أجنبية. إنها تتآمر بالصمت أو بالفعل ضد السيادة الوطنية، بل تروج، أحيانًا، لخطابات تُشرعن التدخل الخارجي.
2■■■ *النقابات*
بدل أن تدافع عن العمال والموظفين، باعت العديد من النقابات نفسها في سوق التوافقات، وتحولت إلى أبواق إنتخابية أو أدوات للضغط باسم مصالح ضيقة. هل يعقل أن تمر سنوات على إرتفاع الأسعار، وتدهور القدرة الشرائية، وتظل النقابات صامتة أو تخرج ببيانات باهتة؟
3■■■ *النخب والمثقفون*
بدل أن يكونوا في طليعة المدافعين عن كرامة الشعب وإستقلال الوطن، تجد بعض النخب منغمسين في مشاريع “التمويل الأجنبي”، يبيعون الوطن باسم *الحداثة* أو *حقوق الإنسان*، وهم في الحقيقة لا يملكون حتى شجاعة الدفاع عن وحدة الوطن وصيانة مؤسساته من الهجمات الخارجية.
—
رابعا ■■■ *معركة الوعي والسيادة*
المعركة الحقيقية التي يخوضها المغرب اليوم ليست فقط ضد فرنسا الإستعمارية أو غيرها، بل هي معركة وعي وسيادة. إنها معركة إسترجاع القرار الوطني من أيدي العملاء والخونة، وبناء جبهة داخلية قوية:
☆بتطهير الحياة السياسية من الوصوليين والمنبطحين والانتهازيين.
☆بإعادة الإعتبار للعمل النقابي الجاد، والمجتمع المدني الوطني.
☆بفضح الإعلام المأجور، وتأسيس إعلام وطني قوي ومستقل.
☆بتوعية الجماهير الشعبية بأن السيادة لا تُمنح، بل تُنتزع بالنضال.
—
خاتمة:
فرنسا لن تتوقف عن التآمر على المغرب، لأنها لم تغفر له رفضه الخضوع، لكنها ما كانت لتتجرأ لو وجدت أمامها نخبة وطنية حقيقية، وأحزابًا تدافع عن هموم الشعب، وإعلاما وطنيًا يُعرّي أجنداتها الإستعمارية الإجرامية.
حان الوقت لكي يستفيق الشعب المغربي، ويُدرك أن الخطر ليس فقط في الخارج، بل أيضا في الداخل، حيث تنخر الخيانة أوصال المؤسسات.
المعركة ليست ضد شخص، بل ضد منظومة الإستعمار الجديد وخدمه. ولن يكون النصر إلا بإعادة بناء الدولة على أسس السيادة،
*حرية كرامة، عدالة الاجتماعية*
*من المستحيل بناء دولة قوية و ديمقراطية و عادلة بمؤسسات و أحزاب ينخرها الفساد والإستبداد والظلم والحكرة وأشياء أخرى*
*عزيز الدروش محلل و فاعل سياسي*












عذراً التعليقات مغلقة