من واقعة تجميد عمل الصحافية حنان رحاب بسبب انتمائها السياسي… حين تتحوّل المهنة إلى ساحة تصفية حسابات

اورو مغرب16 نوفمبر 2025آخر تحديث :
من واقعة تجميد عمل الصحافية حنان رحاب بسبب انتمائها السياسي… حين تتحوّل المهنة إلى ساحة تصفية حسابات

اورو مغرب

لم تكن واقعة ما تعرّضت له حنان رحاب من تشهيرٍ مفضوح ومسٍّ بسمعتها وحقها في التعبير الحر داخل مؤسسة إعلامية مجرد حادث عابر في سجل التجاوزات التي تطال الصحافيين. كانت جرس إنذار، وتجسيداً واضحاً لكيف يمكن للسلطة داخل بعض المؤسسات أن تنقلب إلى أداة للإذلال، والضغط، والإقصاء، بدل أن تكون حاميةً لكرامة الصحافيين وحقوقهم المهنية.

واليوم، ونحن أمام منع صحافية أخرى من ممارسة عملها بسبب انتمائها السياسي، يتأكد أننا لا نتعامل مع حالات فردية، بل مع منهجية تستهدف إخضاع العاملين في الصحافة وإسكات كل من يرفض الانحناء.

الصحافي ليس موظفاً محايداً… بل مواطن له رأي

من يظن أن الصحافي يجب أن يكون بلا رأي، بلا موقف، وبلا انتماء سياسي، يخطئ فهم جوهر المهنة. الصحافي ليس آلة لترديد البيانات؛ هو إنسان يفكر، ينتمي، ينتقد، ويصوّت. ما يفرضه القانون وأخلاقيات المهنة هو النزاهة والدقة، لا نزع الروح. لكن حين يتحول الانتماء السياسي إلى ذريعة للعقاب، فنحن أمام انحدار خطير يعكس غياب ثقافة الديمقراطية داخل مؤسسات يفترض أنها تمارس دوراً مركزياً في بناء الوعي العام.

قرار المنع… رسائل أخطر مما يبدو

الرسالة الأولى: هناك من لا يريد صحافيين مستقلين، بل تابعين.

والرسالة الثانية: أن القرار الشفهي بمنع صحافية من عملها، دون مسطرة قانونية أو إجراء تأديبي، يعلن انهياراً أخلاقياً قبل أن يكون مهنياً.

والرسالة الثالثة: أن ضرب الصحافي بسبب أفكاره هو ضرب لحق المجتمع في المعلومة، ولثقة المواطنين في إعلام نزيه ومسؤول.

الدستور واضح… والانتماء السياسي ليس جريمة

الفصلان 25 و28 من الدستور المغربي يؤكدان حرية الرأي وحرية الصحافة دون قيود. كما أن المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، التي صادق عليها المغرب، تُجرّم أي شكل من أشكال التمييز المبني على الانتماء السياسي.

فلماذا يصرّ البعض على إعادة المغرب إلى مرحلة كنا نظن أننا تجاوزناها؟

قضية ليست شخصية… بل قضية مبدأ

اليوم، ما وقع لحنان رحاب ليس بعيداً عن ما تتعرض له الصحافية الممنوعة من عملها. السياق واحد:
محاولات ممنهجة لإسكات الأصوات الحرة، وجرّ الصحافيين إلى مربّع الخوف، وإشعارهم بأن استمرارهم المهني رهين بولائهم، لا بكفاءتهم.

القضية أكبر من شخص أو مؤسسة

القضية تهمّ جوهر الصحافة: هل ستظل مهنة مبنية على الحرية والمساءلة؟ أم ستتحول إلى مهنة يتحكم فيها من يملك سلطة القرار، ولو على حساب القانون؟

منع صحافية من ممارسة عملها بسبب انتمائها السياسي ليس فقط قراراً تعسفياً… إنه إعلان عن أزمة عميقة في احترام الحريات.

وحين تصبح القناعات السياسية تهمة، فنحن أمام زحف خطير على الدستور، وعلى مستقبل مهنة كانت دائماً آخر خطوط الدفاع عن الديمقراطية

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

Translate »