الدكتور سمير بنيس يكتب نداء لإخواني المغاربة: لماذا هذا الصمت والجحود؟

اورو مغرب23 مايو 2021آخر تحديث :
الدكتور سمير بنيس يكتب نداء لإخواني المغاربة: لماذا هذا الصمت والجحود؟

بقلم الدكتور سمير بنيس
خبير في الشؤون الإستراتيجية و العلاقات الدولية

صراحة أحس بالغبن و الحسرة حينما أقارن صمت المغاربة مع حالة الهيجان التي تعيش على أوتارها الصحافة وصناع الرأي في إسبانيا.

ليس بإمكان أي أحد أن يجادل أن طريقة تدبير المغرب للحدود وتغاضيه عن دخول الآلاف من المغاربة والأفارقة من جنوب الصحراء لمدينة سبتة المحتلة لم تكن لائقة ولا صائبة وأترث بشكل كبير على صورة البلاد. كان بالإمكان التعامل مع هذه الأزمة بشكل أحسن وباتزان ورصانة أكثر لعدم إعطاء الفرصة للأعداء المتربصين للنيل أكثر من صورة المغرب. كما كان على الدولة أن تتواصل مع الشعب المغربي لإعطاء تفسيرات حول الأسباب التي أدت لوقوع ذلك. ولكن لماذا هناك صمت مطبق من فئات عريضة من المثقفين المغاربة تجاه الحملة الشرسة التي يتعرض لها المغرب؟

أليسوا على وعي أن بلادنا تواجه دولة تكن العداء والاحتقار للمغرب منذ قرون طويلة وأن هذه الدولة وشعبها تسببا في مآسي كبيرة للدولة وللشعب المغربي؟ هل نسوا كيف حاولت إسبانيا منذ نهاية القرن الثامن عشر الحصول على موطئ قدم جنوب المغرب وأنها فرضت على بلادنا بعد حرب تطوان عام 1859 دفع تعويض مالي قيمته عشرين مليون ريال وأنها وضعت الجمارك المغربية تحت قبضتها للحصول على ذلك؟

هل نسوا المآسي التي تعرض لها إخواننا المغاربة في الريف وجرائم الحرب التي ارتكبتها إسبانيا في حقهم؟ هل تناسوا أن حرص إسبانيا على بناء دويلة في الصحراء المغربية هو السبب الرئيسي في خلق هذا النزاع وفي إطالة أمده وأن إسبانيا تعاملت بخبت كبير مع المغرب حينما حاول في الستينيات مد يد التصالح لبدء صفحة جديدة في تاريخ العلاقات بين البلدين؟ هل تناسوا أن العقيدة السياسية لإسبانيا، منذ أيام الملكة إزابيل، مبنية على إضعاف المغرب وخلق مشاكل ومطبات له ومنعه من بناء قوة اقتصادية أو عسكرية من شأنها أن تهدد مصالح واستقرار إسبانيا؟ ألسنا كلنا كمغاربة معنيون بالهجمة الشرسة التي يتعرض لها المغرب من طرف صحافة إسبانيا ورأي عام مشبع بعداءه الدفين ليس فقط تجاه المغرب، بل كذلك الشعب المغربي؟

ما عليكم إلا متابعة ما تقوله ليس فقط الصحافة الاسبانية، بل كذلك تعليقات الغالبية العظمى من الاسبان لتروا كمية الشتائم والقذف تجاه الشعب المغربي. فكل هذا السيل ليس موجها فقط ضد الدولة أو رموزها، بل موجه ضد الشعب المغربي، ضدي وضدك وضد كل مغربي، وحينما أرى ذلك فلا يسعني إلا القيام بواجبي كمغربي فخور بانتمائي وببلادي وواع بتاريخه وبتاريخ علاقاته مع إسبانيا إلا أن أقوم بواجبي قدر المستطاع من أجل دحض كل الأكاذيب التي تروج لها الصحافة الاسبانية وتذكيرها بتاريخ بلادها الدموي في المغرب وبالجرائم التي ارتكبها في حق الشعب المغربي.

إسبانيا تعيش أزمة داخلية خانقة سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي وعلى الرغم من ذلك، ترك الاسبان مشاكلهم جانباً وتحالفوا من أجل الوقوف ضد العدو “المورو” المغربي، الذي في مخيلتهم لا يمكن التعامل معه إلا بمنطق التعالي والغطرسة والعجرفة وعدم الاحترام، ولا يمكن اعتباره شريكاً ينبغي التعامل معه على قدم المساواة والاحترام. علينا قراءة تاريخنا وفهمه بشكل جيد حتى نفهم حاضرنا ونفهم الأسباب الموضوعية والسيكولوجية الكامنة وراء هذا العداء الذي يكنه الشعب الاسباني للمغرب والذي يطفو على السطح كل ما رفع المغرب صوته وعبر عن رفضه للنظرة المتعالية للحكومة الاسبانية.

نعلم جميعا أن هناك فساد كبير في بلادنا وأنا نحتاج لسنوات وعقود لتغيير العقلية ووضع الرجل في المكان المناسب في جميع مرافق الدولة، ولكن علينا ألا ننسى كذلك أن هناك دائماً أناس شرفاء في هذه الدولة لا يدخرون جهودهم لتحدي كل الصعاب والدفاع عن حقوق المغرب. يجب ألا يكون هناك خلط للمعارك، فالآن المغرب يواجه معركة خارجية متمثلة في حملة إعلامية هوجاء من طرف كل مكونات الإعلام الاسباني المتواطئ مع حكومته. وعلى الرغم من أنها هي من تسببت في الأزمة بسبب موقفها المعادي للمغرب ولقراراتها التي لا تتماشى مع طبيعة العلاقات الاقتصادية والأمنية التي تجمع البلدين ولا مع اتفاقية الصداقة والتعاون وحسن الجوار، إلا أن الاعلام الاسباني- الخاص والعام مع بعض الاستثناءات- ترك كل الخلافات الداخلية جانبا وتبنى الموقف الرسمي وأطلق العنان للتعبير عن عدائه للمغرب.

كفانا أنانية وتفكير في مصالحنا الذاتية ومن نزعة الظن بأننا دائما على صوب والآخرين دائما على خطأ. هذا وقت النخوة والرجولة المغربية ووقت التعبير عن المواقف تجاخ الأعداء المتربصين ببلادنا والذين يريدون أن نستمر دائما في نفس الدوامة وفي نفس خانة الدول التي عليها أن تتقد بنفس شروط اللعبة التي تفرضها دول الضفة الأخرى من المتوسط. فالمغرب لم يعد يقبل بهذه الشروط ومن حقه أن يقوم بذلك ومن واجبنا أن نسانده.

إذا كان لاي شخص مشاكل مع بعض الأشخاص في الدولة أو مع بعض توجهات الدولة، فليترك ذلك جانبا الآن وليعلم أن من يتعرض لهذه الهجمة هو المغرب- الذي يجمعنا جميعا ونحبه جميعاً كل حسب طريقته- ومصالحها الاستراتيجية وسيادته وسمعته. وبالتالي، علينا أن نقف وقفة رجل واحد للدفاع عن هذه الأرض التي تجمعنا والتي قدم من أجلها وآبائنا تضحيات للحفاظ على استقلالها واستدامتها.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.