الإعلامي بوجميد أيمن يكتب الإعلام والثقافة .. إلى أين ؟

اورو مغرب3 فبراير 2025آخر تحديث :
الإعلامي بوجميد أيمن يكتب الإعلام والثقافة .. إلى أين ؟

اورو مغرب بقلم الإعلامي بوجميد أيمن

لطالما كان الإعلام و الثقافة وجهين لعملة واحدة ، فالإعلام هو الأداة التي تنقل القيم والأفكار والتقاليد ، بينما تمثل الثقافة المحتوى العميق الذي يمنح الإعلام معنى وهدفا .

لكن مع تسارع التحولات التكنولوجية ، وانتشار العولمة ، و هيمنة المصالح التجارية ، أصبحت العلاقة بينهما أكثر تعقيدا ، مما يطرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل الثقافة في ظل إعلام سريع ومتغير .

.. في العقود الماضية ، لعب الإعلام دورا أساسيا في تعزيز الهوية الثقافية من خلال برامجه الفكرية والفنية والأدبية . غير أن المشهد تغير ، فأصبح الإعلام صناعة تخضع لمنطق السوق والعرض والطلب ، ما أدى إلى طغيان المحتوى الترفيهي على حساب المعرفة العميقة . حيث تحوّل التركيز إلى جذب المشاهدات والإعلانات ، مما أدى إلى تراجع البرامج الثقافية الجادة ، و تنامي المحتوى السريع الذي يُستهلك دون تعمق ، وهو ما أثر على جودة الوعي الثقافي للأسف .

إلى جانب ذلك ، ساهم انتشار المحتوى العالمي في تراجع الإنتاج المحلي ، مما جعل بعض الهويات الثقافية مهددة إما بالاندثار أو بالتشويه . فأصبح الجمهور يستهلك المعلومات بسطحية ، في حين تتراجع المساحات المخصصة للثقافة في الإعلام التقليدي والرقمي على حد سواء .

فلا شك أن التكنولوجيا الرقمية أحدثت ثورة في طرق إنتاج الثقافة واستهلاكها ، فأصبح الوصول إلى المعرفة أسهل من أي وقت مضى . لكن هذه الثورة جاءت بتحديات كبرى .. أبرزها تراجع الإقبال على الكتب و الصحف والمطبوعات الورقية لصالح المحتوى الرقمي المختصر ، مما أثر على جودة الفهم الثقافي .

كما باتت شهرة الشخصيات على وسائل التواصل الاجتماعي تُحدد بناء على الجاذبية أكثر من الأفكار وهذا أدى إلى تراجع دور المفكرين لصالح ” المؤثرين ” الذين يركزون غالبا على المحتوى السريع بدلا من المضمون العميق .. و يضاف إلى ذلك خطر الأخبار الزائفة و هوس البوز ، فهذا الأخير جعل من الجمهور عرضة للتضليل والتلاعب الإعلامي ، مما يهدد الوعي الجماعي للمجتمعات .

في ظل هذا الواقع المرير ، بات من الضروري البحث عن حلول تعيد التوازن بين الإعلام والثقافة .. لكن ، لا تكمن المشكلة في البحث و التدوين بل في التطبيق الفعلي لهاته الحلول ..

.. الإعلام والثقافة ليسا في صراع ، بل في علاقة تكاملية تمر بمرحلة حرجة فبينما يمنح الإعلام فرصا لنشر الثقافة ، فإنه يواجه تحديات قد تؤدي إلى تآكل دوره التنويري الرهان اليوم ليس فقط على المؤسسات ، بل على وعي الأفراد و المجتمعات بضرورة الحفاظ على هويتهم الثقافية واستغلال الإعلام كأداة لبناء الفكر ، لا مجرد وسيلة للترفيه العابر ، والسلام !

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.