هذا ما قاله راشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب في اختتام الدورة الأولى من السنة التشريعية 2025-2024

اورو مغرب محمد الزبتي12 فبراير 2025آخر تحديث :
هذا ما قاله راشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب في اختتام الدورة الأولى من السنة التشريعية 2025-2024

اورو مغرب

كلمة السيد راشيد الطالبي العلمي،
رئيس مجلس النواب
في اختتام الدورة الأولى من السنة التشريعية 2025-2024

الرباط، 11 فبراير 2025

باسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه

السيدات والسادة الوزراء،
السيدات والسادة النواب،
الحضور الكريم،

بعد أربعة أشهر من الأشغال، نختتم اليوم الدورة التشريعية الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية الحادية عشرة، والتي كان قد ترأس افتتاحها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله بخطاب سامي، شكل لنا مرجعًا ودليل اشتغال، في ممارسة اختصاصاتنا الدستورية ووظائفنا المؤسساتية.
وإذا كان من عنوان يمكن اختياره للسياق الذي نختتم فيه أشغالنا، فهو مواصلة ترسيخ المغرب قوة صاعدة، وبلدًا جاذبًا على كافة المستويات، مما يطوقنا بأمانة المساهمة في تعزيز هذا التموقع بالاضطلاع بواجباتنا الدستورية والسياسية والمؤسساتية.
وبقدر ما ينبغي أن نفتخر بهذه المكانة التي هي ثمرة قيادة صاحب الجلالة الحصيفة والمتبصرة، بقدر ما ينبغي أن نكون يقظين إزاء التحديات الكبرى التي على بلادنا أن ترفعها والرهانات التي علينا أن نربحها، وفي صدارتها ما يتعلق بوحدتنا الترابية، مستحضرين توجيهات جلالته الذي أكد بشأنها أنه “رغم ما تحقق فإن المرحلة المقبلة تتطلب منا جميعا المزيد من التعبئة واليقظة لمواصلة تعزيز موقف بلادنا والتعريف بعدالة قضيتنا والتصدي لمناورات الخصوم”.
هذا ما حرصنا، ونحرص على تمثله واستحضاره والاسترشاد به في مهامنا، وبالتحديد في اشتغالنا في واجهة العلاقات الخارجية للمجلس، على المستويين الثنائي ومتعدد الأطراف.
وإدراكا منا لما يميز العلاقات الدولية اليوم، من تعدد المحاور، ومن تقاطبات في النظام الدولي المتسم باللايقين، والتموج، واصلنا اشتغالنا في مختلف المناطق الجيوسياسية.
وإنه لمن الطبيعي أن يكون مجال انتمائنا، وعمقنا الإفريقي، في صدارة المجالات التي واصلنا مع عدد من برلماناته التعاون المنتج، البناء والصادق، إذ استقبلنا عددا من الوفود البرلمانية، ومن بينهم رؤساء برلمانات في البلدان الإفريقية، وعززنا التعاون مع المجالس التشريعية الإفريقية في إطار تقاسم الممارسات الفضلى، سيرا على نهج بلادنا في مختلف سياسات ومجالات التعاون.
وقد توجت جهود مجلس النواب في الواجهة الإفريقية باحتضان اجتماع رؤساء البرلمانات الإفريقية الأطلسية، يوم سادس فبراير، وهي قمة برلمانية استجاب للدعوة إليها 19 برلمانا إفريقيا إلى جانب مجلس النواب، من بين 23 بلدا، مثل 14 منها برؤساء مجالس تشريعية، في سياق المواكبة البرلمانية “لمسلسل البلدان الإفريقية الأطلسية” الذي يعتبر من المبادرات الخلاقة، الأصيلة لصاحب الجلالة نصره الله. وقد توجت المناقشات الغنية التي ميزت الاجتماع ببيان ختامي “إعلان الرباط”، أكدت فيه البرلمانات المشاركة التزامها بمواكبة هذا المسلسل ودعمه والترافع عنه، خاصة من أجل إحداث شبكة برلمانية تسخر لهذا الغرض. وكانت هذه القمة البرلمانية مناسبة أثنى خلالها جميع رؤساء البرلمانات الشقيقة ورؤساء الوفود على مبادرات صاحب الجلالة لفائدة إفريقيا وتنميتها وازدهارها واستعدادهم لدعمها وطنيا وقاريا ودوليا.
ومن جهة أخرى سيحتضن مجلس النواب بمبادرة من لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية وشؤون الهجرة والمغاربة المقيمين في الخارج، خلال يومي 20، 21 من الشهر الجاري، اجتماعا للجن المكلفة بالشؤون الخارجية في البرلمانات الوطنية الإفريقية من أجل تبادل الرأي والخبرات والتشاور بين مسؤولي هذه اللجن بما يخدم قضايا القارة، وتشكيل إطار للتعاون والتنسيق بين هذه اللجن على الصعيد القاري.
واستحضارا، دائما لموقع بلادنا الجيوسياسي، ولتاريخها العريق في الانفتاح على جميع الفضاءات الجيوسياسية، واصلنا ترسيخ علاقاتنا مع عدد من البرلمانات في القارة الأروبية. وقد تميزت هذه الدورة، بالخطوة الكبرى المتمثلة في الاتفاق مع رئيسة البرلمان الأروبي على تدشين صفحة جديدة من العلاقات بين مؤسستينا، أساسها الاحترام المتبادل، والصدق، والتوازن واحترام وحدتنا الترابية ومؤسساتنا ومصالح بلادنا وتقدير تموقعها وأدوارها الإقليمية والدولية، والتصدي للحملات المعادية لبلادنا من طرف البعض داخل البرلمان الأوروبي.
ومن جهة أخرى، عزز البرلمان المغربي وضعه كشريك للديموقراطية لدى الجمعية البرلمانية لمجلس أروبا، وهو الوضع الذي يتمتع به منذ 2011 ، وتطور اليوم بعد أن خضع للتقييم بمنح البرلمان المغربي لدى هذه الجمعية حقوقا هامة جديدة ابتداء من يناير 2025 بما في ذلك حق الشعبة الوطنية في تقديم اقتراحات، وتوصيات، وطلب فتح نقاش حول قضايا راهنة وتولي إعداد تقارير تكتسي طابعا استطلاعيا.
بالموازاة مع الذي تحقق في علاقاتنا مع البلدان الأروبية على المستوى متعدد الأطراف، واصلنا الحوار والتعاون الثنائي مع برلمانات وطنية متمثلين في كل خطوة نخطوها النطق الملكي السامي “إن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم وهو المعيار الواضح والبسيط الذي يقيس به صدق العلاقات ونجاعة الشراكات”.
علاقة بما سبق، ينبغي التذكير بمشاريع التعاون والشراكة التقنية التي ننجزها مع عدد من البلدان الأروبية، ومنها مشروع التوأمة المؤسساتية الثاني مع سبع برلمانات وطنية أروبية والممول من الاتحاد الأروبي، ومشروع الدعم والتعاون مع الجمعية البرلمانية لمجلس أروبا الممول بدوره من الاتحاد، وهما مشروعان مكنا من تحقيق نتائج جد إيجابية. وتعتبر هذه المشاريع عربون تقدير وثقة في مؤسساتنا وديموقراطيتنا.
وبالموازاة مع ذلك واصلنا تعزيز علاقاتنا مع برلمانات بلدان أمريكا اللاتينية التي تربطنا معها علاقات حوار وتعاون وتنسيق مؤسساتي في الإطارات الثنائية ومتعددة الأطراف مستندين، في ذلك، إلى ما يجمعنا معها من مصالح ورؤية للعلاقات الدولية، ومن إرث ثقافي إبيري، متوسطي، متطلعين معا إلى الإسهام في قيام فضاء أطلسي للمبادلات. في هذا الصدد أود التذكير باحتضان البرلمان المغربي لمؤتمر المستقبل يومي 17 و18 دجنبر 2025 والذي نظمناه بتعاون مع البرلمان الشيلي، وتُوِّجَ بإعلان نعتبره وثيقة هامة في مقاربة قضايا حيوية ترهن مستقبل البشرية من قبيل الاختلالات المناخية والذكاء الاصطناعي والتربية والتكوين.
وبعيدا عن الفضاءات، الافريقي والأروبي والأمريكي، واصلنا حضورنا الفاعل في جنوب شرق آسيا خاصة من خلال عضوية المجلس في الجمعية البرلمانية لبلدان جنوب شرق آسيا بصفته ملاحظا، والمشاركة في المنتديات التي احتضنتها بلدان المنطقة، ومن خلال تبادل الزيارات مع المسؤولين السياسيين بمؤسساتها التشريعية.
ومن الطبيعي أن تتصدر قضية وحدتنا الترابية والتعريف بالإمكانيات والفرص التي توفرها بلادنا في مجال الاستثمارات، والمبادلات الاقتصادية، والدفاع عن السلم وعن العدالة المناخية، مباحثاتنا مع أصدقائنا وشركائنا.
السيدات والسادة،
لقد عشنا حدثا هاما خلال هذه الدورة، إذ بعد الحدث الأهم و اللحظة الدستورية المشرفة والمجسدة لتاريخنا وتقاليدنا المؤسساتية المتفردة، والمتمثلة في رئاسة صاحب الجلالة الملك محمد السادس افتتاح الدورة التشريعية الأولى من السنة التشريعية 2024 – 2025، استقبل البرلمان المغربي ضيفا كبيرا كان قد حل على جلالته، فخامة رئيس الجمهورية الفرنسية السيد إيمانويل ماكرون، والذي جدد في خطاب، أمام أعضاء البرلمان، مليء بالرسائل، دعم بلاده الواضح لسيادة المغرب على الصحراء المغربية، وهو ما كان قد عبر عنه في الرسالة التي بعث بها إلى صاحب الجلالة بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لعيد العرش.
ونفس الموقف أعادت التأكيد عليه رئيسة الجمعية الوطنية الفرنسية التي قامت بزيارة رسمية لبلادنا بدعوة من المجلس.
علاقة بتعزيز تموقع بلادنا الإقليمي والدولي، وكعربون دال على مكانتها وأدوارها، كان مما توج أشغالنا في مجال التشريع المصادقة على 27 اتفاقية ثنائية ومتعددة الأطراف، مع عدد من البلدان الصديقة خاصة من إفريقيا ومع منظمات إقليمية ودولية.
ويعكس هذا التأطير الاتفاقي لمختلف أشكال التعاون الذي يربط بلادنا بباقي أعضاء المجموعة الدولية، وخاصة في عمقنا الإفريقي ذلك الحرص الملكي الحصيف على إعطاء العلاقات جنوب – جنوب مدلولا اقتصاديا وماديا ملموسا وفق منطق الربح المشترك، وتغليب المصالح المشتركة.
وبالتأكيد، فإن نجاحات بلادنا المتزايدة على الساحة الدولية، تستند إلى تماسك جبهتنا الداخلية، وترسيخ بنائنا المؤسساتي والديموقراطي وعلى قدرتنا على تدبير الاختلاف والتنافس السياسي الشريف، الذي يعتبر علامةً على متانة مؤسساتنا وعلى نضجنا كفاعلين سياسيين ومدنيين واقتصاديين. فمهما كانت حدة المناقشات، وعمق الاختلاف المجسد للتنوع والتعددية، فإنه يبقى تحت سقف الوطن، الحاضن لمختلف توجهاتنا ومقارباتنا.
هذا ما تجسد في أعمالنا التشريعية والرقابية، إذ كانت الدورة من حيث حصيلة التشريع، غنية بنوعية النصوص التي صادقنا عليها. وهكذا تم البت في 42 نصا موزعة بين أربع مقترحات قوانين، و38 مشروع قانون تمت المصادقة عليها، والتي ستكون لها آثار عميقة، على المجتمع. ويتعلق الأمر على الخصوص، بقانون المالية برسم 2025 والذي احتلت مناقشته والمصادقة عليه مدة زمنية هامة، كما العادة، وتميزت، بالعمق والتفاعل الإيجابي بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، مما أثرى محتوى النص وأضفى عليه بصمة مكونات المجلس.
ومن جهة أخرى، لئن كان القانون التنظيمي بشأن تحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب الذي صادق عليه المجلس في قراءتين، قد أثار نقاشا مجتمعيا تميز، في أحيان عديدة، بالحدة، فإنه لا ينبغي إغفال أن الأمر يتعلق بنص انتظره المجتمع المغربي لعقود وكان التنصيص عليه في مختلف دساتير المملكة منذ 1962. وبعد 62 عاما كان من باب المسؤولية الجماعية أن تتوفر بلادنا على هذا القانون التنظيمي.
وتعكس طبيعة وعمق النقاش حول هذا النص، في البرلمان، وفي إطار المنظمات النقابية والأحزاب الوطنية والفضاء العام، حيوية ويقظة المجتمع المغربي والحرص على حماية حقوق مختلف الأطراف مما يجسد قوة المؤسسات والفاعلين السياسيين الذين أوكل لهم الدستور مهمة ومسؤولية تأطير المواطنين.
إننا السيدات والسادة، في حصيلة التشريع إزاء خلاصتين أساسيتين :
تتعلق الأولى بالطابع التأسيسي لعدد من النصوص التي صادقنا عليها والتي تؤطر دينامية المجتمع، ومنها ما يدخل في صميم صيانة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وتأطير الخدمات والمرافق العمومية، ومنها ما يحمي مصالحنا الوطنية، وذاكرتنا وتاريخنا من محاولات السطو عليه وتقمصه وتملكه من طرف البعض.
وتتعلق الخلاصة الثانية بتمكننا من المصادقة على 99 في المائة من مجموع مشاريع القوانين المحالة على المجلس خلال الدورة، فضلا عن التصويت على ما كان محالا من نصوص خلال فترات سابقة.
ومقابل ذلك، سيكون علينا مواصلة الاجتهاد لدراسة مقترحات القوانين والحسم في مآلاتها، وتطوير وتعزيز تطبيق المسطرة المتعلقة بهذه المبادرات التشريعية التي حرصنا في مكتب المجلس على تسريعها خلال هذه الدورة.

السيدات والسادة،
تميز عملنا في الشق الرقابي بالانتظام، والتفاعل الإيجابي بين المجلس والحكومة. وهكذا عقد المجلس برسم الدورة ثلاث جلسات خصصت لأجوبة السيد رئيس الحكومة على أسئلة السيدات أعضاء المجلس والتي تناولت السياسات العامة في مجالات حيوية بالنسبة لاقتصاد بلادنا.
وتفاعل أعضاء المجلس مع قضايا بلادنا الحيوية وانشغالات المجتمع المغربي، بما في ذلك قضايا المساواة بين النساء والرجال والمناصفة، من خلال الأسئلة الشفوية التي تمحورت حول القضايا القطاعية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ومن خلال الأسئلة الكتابية التي شكلت آلية لمساءلة الحكومة حول قضايا محلية ونقل انشغالات المواطنين الجهوية والمحلية إلى الحكومة.
وبالأرقام يتوزع العدد الإجمالي للأسئلة القطاعية التي أحالها المجلس على الحكومة وأجوبة هذه الأخيرة عليها كما يلي :
مجموع الأسئلة التي خضعت لمسطرة الإحالة خلال الدورة 3622 منها 1528 سؤالا شفويا، فيما تمت برمجة 484 سؤالا وفق ما سمح به الزمن المتفق عليه بشأن جلسات الأسئلة الموجهة للحكومة، والتي بلغ عددها 14 جلسة عمومية و 2094 سؤالا كتابيا، فيما توصل المجلس بأجوبة عن 1168 سؤالا كتابيا.
وواصلت اللجن النيابية الدائمة دورها الرقابي بمساءلة الوزراء ومسؤولي المؤسسات العمومية، إذ عقدت لهذا الغرض 21 اجتماعا درست خلالها 35 موضوعا بطلب من مكونات المجلس، فيما واصل الأعضاء المكلفون بمهام استطلاعية أشغالهم وفق المساطر المعتمدة لهذا الغرض، وتواصل المجموعات الموضوعاتية بشأن الذكاء الاصطناعي، والانتقال الطاقي، والشؤون الإفريقية الاشتغال على القضايا التي كلفت بإعداد تقارير بشأنها.
ومن جهة أخرى، تواصل المجموعتان الموضوعيتان المكلفتان بتقييم كل من الاستراتيجية الوطنية في مجال الرياضة 2008-2020، وبرامج محو الأمية، أشغالهما بجمع المعطيات والاحصائيات والاستماع إلى مختلف الفاعلين المعنيين بالقطاعين لتنكبا على أثر ذلك على صياغة تقريريهما. وسنحرص قريبا على هيكلة المجموعة الموضوعاتية المكلفة بتقييم مخطط المغرب الأخضر لتشرع في إنجاز مهامها.
السيدات والسادة ،
إعمالا لمقتضيات الدستور، تواصل التفاعل بين المجلس وباقي المؤسسات الدستورية وهيئات الحكامة، خاصة من خلال مناقشة تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول أعمال المحاكم المالية برسم 2023/2024 الذي قدمته رئيسة المجلس أمام البرلمان. وقد عكس محتوى هذه المناقشة حرص الجميع على أهمية الرقابة المالية في إعمال الحكامة في المرفق العمومي، و إعمال مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتبين آثار ومردودية الانفاق العمومي، وجودة الخدمة العمومية.
وفي إطار هذا التفاعل والتعاون نظمنا تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة يومي 6 و7 دجنبر 2024 مع مجلس المستشارين والمجلس الوطني لحقوق الإنسان مناظرة دولية حول العدالة الانتقالية بمناسبة مرور عشرين عاما على إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة والتي شكلت كما أكد ذلك صاحب الجلالة نصره الله في الرسالة السامية التي وجهها إلى المشاركين في المناظرة “منعطفا حاسما في مسار التحول الديموقراطي والتنموي ببلادنا”.
وكان هذا الحدث مناسبة تم خلالها استعراض الإصلاحات الكبرى التي حققها المغرب خلال عشرين عاما والتي رسخت البناء الحقوقي الوطني وجعلت من المغرب حالة متفردة في إعمال مفهوم العدالة الانتقالية بكل مداخلها ومستلزماتها السياسية والحقوقية والاقتصادية والمؤسساتية.
ومن أهم الفعاليات التي احتضنها المجلس خلال هذه الدورة، تشرفه بانعقاد الدورة الوطنية لبرلمان الطفل التي نظمت تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره اللهّ، والتي شكلت فضاء لتمرين الأجيال الصاعدة على الممارسة الديموقراطية وطرح انشغالات الأطفال والتحاور بشأنها مع القطاعات الوزارية المعنية، وهو الأمر الذي يعزز انفتاح وتفاعل مؤسستنا مع محيطها المجتمعي.
السيدات والسادة الوزراء،
الزميلات، والزملاء،

في مواجهة التحديات، ومن أجل ربح الرهانات، تواصل بلادنا تحت قيادة صاحب الجلالة أعزه الله، تحقيق التنمية والصعود، مسلحة بتبصر وحصافة عاهلنا الكريم. ويظل توطيد وحدتنا الترابية التي تترسخ على الصعيد العالمي باعتراف المجتمع الدولي بمشروعية القضية الوطنية، وعلى الأرض بمشاريع التنمية النوعية والمهيكلة المنجزة في الأقاليم الجنوبية، واستراتيجيا بوقوف القوات المسلحة الملكية حصنا منيعا ضد كل محاولة التشويش على الحقيقة القائمة على الأرض وفي الموقف الدبلوماسي الدولي. فإلى هذه القوات وقائدها الأعلى ورئيس أركان حربها العامة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، كل الإجلال والامتنان والتقدير، وكل التحية والتقدير أيضا لقوات الدرك الملكي وقوى الأمن الوطني والقوات المساعدة والوقاية المدنية وكافة المؤسسات والإدارات الترابية الساهرة على أمن وسلامة المواطنات والمواطنين.
وبالتأكيد فإن ما أنجزناه خلال الدورة والذي ساهمت فيه السيدات البرلمانيات بشكل نوعي، كان ثمرة تعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية؛ لذلك أرى من واجبي تجديد الشكر للحكومة، رئيسا وأعضاء على تجاوبهم وتعاونهم، كما أشكر كافة رؤساء الفرق والمجموعة النيابية واللجان النيابية الدائمة وجميع أعضاء المجلس في الأغلبية وفي المعارضة على الحرص الجماعي لترسيخ نهج التعاون الذي لا ينفي الاختلاف حتى تظل السلطة التشريعية مؤسسة مساهمة في رفع التحديات التي تواجهها بلادنا، وربح رهانات أمة صاعدة، مزدهرة، في الموقع والمكانة التي يريدها لها صاحب الجلالة أعزه الله وبما يليق بتاريخها، دولة من بين الأعرق في التاريخ وفي العالم، مملكة حيث يبدأ الشمال وينتهي الجنوب، وحيث ينتهي الشرق ويبدأ الغرب.
السيدات والسادة،
في إطار مواصلة تنفيذ مشروع البرلمان الإلكتروني الذي تحققت من خلاله، على مدى العشر سنوات الأخيرة، عدة إنجازات همت مختلف مجالات العمل البرلماني، تم هذه السنة تحقيق طفرة نوعية تمثلت في تفعيل رقمنة المسطرة التشريعية بدءً من إحالة النصوص ودراستها والمصادقة عليها في اللجن الدائمة ووصولا إلى البت فيها على مستوى الجلسات العامة. وقد كان أول تجسيد لعملية الرقمنة هاته، مسار دراسة قانون المالية والتصويت عليه في إطار اللجنة المختصة والجلسة العامة.
وفي الختام أود أن أشكر إدارة المجلس بما في ذلك مسؤولي وأطر الفرق والمجموعة النيابية، على تعبئتهم في مواكبة أعمالنا، وأفراد القوات المسلحة الملكية، ومصالح الأمن الوطني، والوقاية المدنية، وكل المصالح الساهرة على أمن المؤسسة، وممثلي وممثلات وسائل الإعلام الذين يواكبون أشغالنا، وجميع المستخدمات والمستخدمين في المقاولات المتعاقدة مع المجلس، ومن بينهم بالطبع المستخدمات والمستخدمون المكلفون بالنظافة الذين يقومون بمهام نبيلة يستحقون عليها التقدير.
شكرا على إصغائكم.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.