اورو مغرب
بعد مرور أكثر من 17 شهرًا على الزلزال المدمر الذي ضرب مناطق الحوز، تصدر الجهات الرسمية بلاغات تؤكد تحقيق تقدم ملموس في عملية إعادة الإعمار، مشيرة إلى بلوغ نسبة إنجاز الأشغال 60%، مع توقعات بارتفاعها إلى 80% خلال الشهرين المقبلين. لكن، بعيدًا عن هذه الأرقام الوردية، يظل الواقع على الأرض أكثر تعقيدًا، حيث ما زالت العديد من الأسر تعاني من تداعيات الكارثة، في ظل تباطؤ واضح في تنفيذ المشاريع الموعودة.
ويشير البلاغ الأخير الصادر عن عمالة الحوز إلى أنه تم تقليص عدد الأسر التي لا تزال تعيش في الخيام إلى 3.211 بعد أن كانت 35.500 في بداية الأزمة، وهو إنجاز يتم الترويج له على أنه نجاح إداري ولوجستي كبير. إلا أن هذا الرقم لا يعكس حقيقة أن جزءًا كبيرًا من المتضررين لا يزالون يعيشون في مساكن مؤقتة هشة وغير صالحة للسكن، في ظل ظروف مناخية قاسية، خاصة خلال فترات البرد القارس.
كما يحاول البلاغ تبرير التأخير في إعادة الإعمار بعوامل مختلفة، من بينها صعوبة التضاريس، عمليات إزالة الأنقاض، والإحصاء الإداري للمتضررين، وهي مبررات قد تكون مقبولة في الشهور الأولى، لكنها تفقد وجاهتها بعد مرور أكثر من عام على الكارثة. فمن غير المعقول أن تظل هذه العوامل تُستعمل كذريعة بينما تتفاقم معاناة المتضررين يومًا بعد يوم.
أضف إلى ذلك، أن البلاغ يعترف بوجود أكثر من 10% من الأسر التي لم تباشر بعد عملية البناء، مرجعًا ذلك إلى خلافات بين الورثة أو عدم شروع المستفيدين في البناء رغم حصولهم على الدعم المالي. غير أن هذا التبرير يكشف عن ضعف المواكبة القانونية والإدارية، إذ كان الأجدر بالسلطات أن تضع حلولًا استباقية لمثل هذه الإشكالات، بدل الاكتفاء بإشعار وإنذار المتأخرين عن البناء.
ومن بين النقاط التي ركز عليها البلاغ، الإشارة إلى أن الأسر المتضررة تلقت دعمًا ماليًا شهريًا بقيمة 2.500 درهم للكراء والإيواء، إلى جانب منح 140.000 درهم أو 80.000 درهم لإعادة بناء المنازل. غير أن هذا الدعم، رغم أهميته، يظل غير كافٍ بالنظر إلى ارتفاع تكاليف البناء ومواد التشييد، ما يجعل العديد من الأسر عاجزة عن استكمال مشاريعها السكنية دون موارد إضافية.
وفي الوقت الذي تتحدث فيه الجهات المسؤولة عن مقارنة نسبة الإنجاز بالمقاييس الدولية، مشيرة إلى أن عمليات إعادة الإعمار عالميًا تستغرق ثلاث سنوات على الأقل، يبدو أن هذه المقارنة لا تأخذ بعين الاعتبار حجم التوجيهات الملكية التي دعت إلى إعمار سريع وفعّال يحفظ كرامة المواطنين.
وفي الأخير، نؤكد بشكل واضح وصريح، أن واقع الحال يستدعي تدخلًا ملكيًا حاسمًا ومباشرًا لضمان تنفيذ مشاريع الإعمار بالسرعة والجودة المطلوبتين، ولتفادي تكرار سيناريوهات أخرى حيث تتحول الوعود إلى حبر على ورق. فلا يمكن أن يستمر التسويف والمماطلة بينما لا يزال المتضررون يكافحون من أجل استعادة حياة كريمة، بعد أكثر من عام ونصف على وقوع الكارثة.
عذراً التعليقات مغلقة