اورو مغرب : بقلم: الدكتور نورالدين البركاني
في زمن تتسارع فيه التحديات وتتشابك فيه المصالح، تبرز الحاجة الملحة إلى السلوك الحضاري والإيجابي كضرورة لبناء مجتمع متماسك، راقٍ، يحترم أفراده بعضهم بعضًا، ويتعاونون لما فيه الخير العام. فليست القوانين وحدها كافية لتحقيق النظام، بل لا بد من وعي سلوكي ينبع من داخل الإنسان، يوجهه نحو الصواب والاحترام والمسؤولية.
ما المقصود بالسلوك الحضاري والإيجابي؟
هو كل تصرف نابع من احترام الذات والغير، يراعي القوانين، ويعكس قيمًا إنسانية نبيلة، كالتسامح، الصدق، الاحترام، المسؤولية، والانضباط. هذا السلوك لا يحتاج إلى سلطة تراقبه، بل إلى ضمير حي ووعي جماعي.
أمثلة من واقعنا اليومي:
تحية الآخرين: مجرد كلمة “السلام عليكم” تُشيع جوًّا من الطمأنينة بين الناس. تحية عابرة قد تُغير مزاج إنسان كان يحمل همًّا في قلبه.
احترام الصفوف: في المستشفيات، الإدارات، أو وسائل النقل، من يتقيد بدوره دون تجاوز يبعث برسالة قوية مفادها: “أنا أحترم غيري كما أحترم نفسي”.
منح الأولوية لكبار السن والنساء الحوامل والمرضى: في الطوابير، في الحافلات، أو حتى في الطرقات، هذه المبادرة تعكس مستوى عالٍ من الرقي الإنساني.
الصدق في المعاملات: سواء كنت تبيع أو تشتري، أو تتعامل إداريًا أو تجاريًا، فإن الصدق يُكسبك ثقة الناس ويُطهر المجتمع من مظاهر الغش والنفاق.
الحرص على نظافة المكان العام: رمي القمامة في مكانها، عدم تشويه الجدران، والحفاظ على الممتلكات العامة، كلها ممارسات تعبر عن تقدير الفرد لمحيطه.
الالتزام بالمواعيد: احترام الوقت هو احترام للآخر، وهو أحد أسرار التقدم في المجتمعات المنظمة.
احترام قانون السير: كم هو جميل أن يتوقف السائق عند ممر الراجلين دون أن يُجبره شرطي المرور على ذلك! هذا السلوك البسيط يعكس حضارة داخلية واحترامًا لحياة الآخرين.
ارتداء حزام الأمان: ليس خوفًا من الغرامة، بل حفاظًا على الحياة. هذا تصرف مسؤول يستحق التقدير.
ما أثر هذه السلوكيات على الوطن؟
حين تنتشر هذه التصرفات الإيجابية، يتحول المجتمع إلى خلية متكاملة يسودها الانسجام والثقة. تقل الصراعات، وتُختصر الطوابير، وتتحسن الخدمات، ويصبح العيش في الوطن متعة لا معاناة.
خلاصة القول:
لا نحتاج إلى شعارات كبيرة، بل إلى أفعال بسيطة نكررها كل يوم. السلوك الحضاري لا يُفرض بالقانون فقط، بل يُكتسب بالتربية والقدوة الحسنة، ويترسخ بالوعي والمسؤولية. فلنبدأ بأنفسنا، ولنكن قدوة لأبنائنا ومحيطنا، فصلاح المجتمع يبدأ من صلاح سلوك أفراده.
الدكتور نورالدين البركاني باحث في قضايا الإصلاح والتنمية المجتمعية
عذراً التعليقات مغلقة